أثر المُقيدات النحْوية في دفع التوهُّم (أحاديثُ الأحکامِ أنموذجًا)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الآداب - جامعة دمياط

المستخلص

     يدورُ البحثُ حولَ الأثرِ الذي تُؤديهِ المُقيِّداتِ النْحوية في دَفعِ التوهُّم، إذ تمثلُ القواعدُ النحويةُ قانونًا يلتزمُ الفصحاءُ هدَيه، ومعيًارا تحتکِمُ إليه سُبلُ الخطاب، وعليها تنعقدُ مآزرُ التعبيرِ، وبها تتمايزُ التراکيب بين الفصيحةِ وغيرها، وقد فطن النُحاة الأقدمون ـــ رحمهم الله ـــ إلى حُسن بضاعتهم، وأدرکوا خطرها وأثرها، فبذلوا الطاقةَ في إنجازِ تلک القواعد، لتخرجَ في صورةٍ منهجيةٍ متميزةٍ بالدقةِ والانضباط، راغبينَ بذلک أن يتکلمَ المتکلمُ بلغةٍ نقيةٍ خاليةٍ من الغموض، نائيةٍ عن الخلطِ والوهمِ والاضطراب، بعيدةٍ عن التعميم إن قصدوا التخصيص  وعن الإطلاقِ إن رغبوا في التقييد، ولمَّا کانت الفائدةُ بيتَ القصيد التي يسعى إليها المخاطبُ والمتکلمُ على حدٍ سواء، عمد النحاةُ إلى بيانِها بطرائقَ عدةٍ من بينها "المقيدات النحوية"؛ إذ الأصلُ في الخطابِ الإطلاق  والتقييد يتغياهُ المتکلمُ بإضافةِ بعضِ العناصرِ اللغويةِ على البنية الترکيبية لتحقيقِ فوائدَ عدةٍ، على رأسِها "دفعُ التوهُّم"، واختارَ الباحثُ (أحاديثَ الأحکامِ) مَجالًا للتطبيقِ؛ إذ بِها تنْعقدُ التکاليفُ، وعليها مَدارُ الشرعِ في الثوابِ والعقاب، ويؤثِّر الترکيبُ اللُغويُ في فَهمِ المقصودِ منها تأثيرًا بالغًا، ويظهرُ فيها دورُ المقيِّداتِ النحويةِ جَليًا في صَونِ المُتلقِي عن الوقوعِ أَسيرًا لهُوةِ الاحتمالاتِ المتعددةِ التي تنشأُ بأَثرٍ من اتساعِ الترکيبِ النحوي أو احتماليةِ السياقِ لأکثرِ من دِلالةٍ، ومِن ثَم تأتي هذه المُقيِّداتُ لتؤدِّيَ وظائفَ عدَّةٍ عبًّر عنها شارحُو الأحاديثِ بعباراتٍ، منها (إِزالةُ اللبْسِ/ دَفعُ التوهُّم/ توسيعُ الإطارِ الخاص/ تخصيصُ العُمومِ/ سَدُّ الذرائعِ/ إماطة الشُبهة/ دفع التهمة/ رفع المحتَمل/ زوال اللبس/ إزاحة الغفلة/ ...) کاشفينَ عن الأثرِ الدِلالِي لَها، وتتماسُ هذهِ الدلالةُ مع بعضِ أبوابِ البلاغةِ، مثل (الاحتراسِ/ التذييلِ / التکميلِ)، الأّمرُ الذي يَخرجُ بدائرةِ النحوِ عنْ إِطارهِ الضيِّق في دراسةِ التراکيبِ، أو وظيفتِه المعياريةِ في الصوابِ والخَطأِ، ويؤصِّلُ للمقصودِ الأَساسيِ للُّغةِ (الوظيفة التواصلية) ولکنُّه تَواصلٌ محْصورٌ بقصْديةٍ معُينةٍ، لا تقْبلُ تَعدُدِيةِ الاحتمالاتْ، فاللغةُ تؤثرُ الاتساعَ في مواطن، وتعمَدُ إلى التخْصيصِ في مواطنَ أُخرى وِفقَ مَقصديةِ الخِطابِ منها، سِيّما إِنْ کانت هذه اللُّغةُ تحمِلُ طَابعًا مُميزًا مِنَ البلاغةِ والفصاحةِ، کما هو الحالُ في البلاغةِ النبويةِ التي لا تنطقُ عن الهوى، أو کانَ النصُ اللُّغويُ يدورُ حولَ أحکامِ الشرعِ، التي قدْ يُفضي إليها العقلُ بالتأويلِ إنْ اتسعَ مفهومُ الدليلُ، وهذا ما يُکسِبُ هذه الدراسةُ أهميةً في بابِها، واللهُ القصدُ من وراءِ السبيلْ .

الكلمات الرئيسية