العلاقات السياسية بين مملکة الکرج في عهد الملکة تمار وسلطنة سلاجقة الروم في ضوء الحولية الکرجية "تاريخ ومديح الملوک" لمؤرخ مجهول (1184- 1213م/ 580- 610ه)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

تاريخ العصور الوسطى کلية الآداب- جامعة الإسکندرية

المستخلص

ويتناول هذا البحث حلقة مهمة من حلقات الصراع الحدودي بين مملکة الکرج وسلطنة سلاجقة الروم، وما شهدته العلاقات السياسية بين الجانبين من تغيرات نتيجة التطورات السياسية في آسيا الصغرى في عهد الملکة تمار. وقبل عرض العلاقات السياسية بين الدولتين ينبغي إلقاء الضوء على حولية "تاريخ ومديح الملوک".
إن حولية "تاريخ ومديح الملوک"([1]) مجهولة المؤرخ، لکن يظهر من خلال استشهاد کاتبها بآيات عديدة من الکتاب المقدس في أکثر من موضع في حوليته، أنه کان من رجال الدين أو أنه کان يتمتع بثقافة دينية طيبة. أما عن أصله: فيتضح مما جاء في حوليته أنه کرجي الموطن([2])، وذلک عندما قال أثناء حديثه عن زواج تمار الثاني:" وتجرأ سکان مملکتنا..."([3])، کما ظهر أيضًا أنه کان ينتمي للعقيدة الکرجية([4])، فعلى سبيل المثال قال مؤرخ الحولية خلال حديثه عن الجدال المذهبي الذي وقع بين الکرج والأرمن في عهد الملکة تمار: "انسحب زکريا لحجرته، ... وتفوه خلال العشاء بالقصر بجميع أنواع کلمات الإلحاد ولعن عقيدتنا"([5]).
أما عن منهجه وأسلوبه في الکتابة: فقد حاول مؤرخ الحولية المجهول مراعاة التسلسل الزمني للأحداث، لکنه لم يحدد بدقة تاريخ وقوع کثير منها، وفي بعض الأحيان کان يعرض لأسباب الوقائع التي يتناولها ثم يزودنا بالنتائج التي ترتبت عليها، ويبدو أنه اطلع على أمهات الکتب اليونانية والرومانية والفارسية، فکثيرًا ما شبه الشخصيات التي کان يتحدث عنها بمشاهير تلک الحضارات عبر حوليته، مما يشير إلى أنه نال قسطًا وافرًا من التعليم، وکان يتمتع بثقافةٍ واسعة، وأنه أجاد أکثر من لغة. وکتب حوليته بأسلوبٍ بليغ، وبرع في استخدام التشبيهات البديعية لاسيما عند وصفه للملکة تمار.
وقد اتضح مصدر المعلومات التي جاءت في حولية "تاريخ ومديح الملوک" من خلال ما قاله مؤرخها بنفسه: "وسوف أقدم فقط الأشياء التي شهدتها بنفسي، أو سمعتها من الناس الحکماء والعقلانيين."([6]) مما يؤکد أنه کان معاصرًا وشاهد عيان لکثيرٍ من الأحداث التي أوردها في حوليته، وأنه کان يتحرى الدقة في اختيار الشخصيات التي کان يأخذ منهم المعلومات عن الأمور التي لم يرها بشخصه، ويدل ذلک علي أنه کانت له علاقات بصناع القرار في مملکة الکرج في ذلک الوقت، وهو ما يجعلنا لا نستبعد احتمال أنه کان أحد الموظفين البارزين في الدولة في عهد الملکة تمار. وبذلک تظهر الأهمية الکبيرة للحولية.
 

الكلمات الرئيسية