علاقة الأخلاق بالسياسة عند اليونان والمسلمين

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الفلسفة، کلية الآداب، جامعة الزاوية، ليبيا

المستخلص

تعددت التعريفات حول ماهية الأخلاق، وما يمکن أن تقوم به في حياة الأفراد والمجتمعات ذلک، لأن الأخلاق ذات مفهوم واسع، فهي (نظام فکري وعملي) مشترک بين مجموعة من الأفراد، کما أنها تشکل رمزاً لسلوک الأفراد، وتعطيهم نوعاً من السمة التي تميزهم من غيرهم، وبهذا فالأخلاق هي مجموعة من القيم والقوانين التي يجب أن يمارس الأفراد في إطارها مجموع نشاطهم الاجتماعي والسياسي، فهي إذن ضرورة من ضرورات الحياة الإنسانية التي لا غنى عنها، کما ينظر إليها على أنها الوسيلة التي بموجبها يستطيع الأفراد تنظيم علاقاتهم الاجتماعية، فهي ليست حالة هامشية في الحياة اليومية يمارسها الأفراد کما تمارس الأنشطة الأخرى، بل هي نشاط جوهري، وأساس يحدد سلوک الأفراد، فهي تمثل قيمة عليا يسعى إليها الأفراد. فهناک أسلوبان في ضبط السلوک، وشکلان لتأسيس الوعي الاجتماعي، هما: الأخلاق والسياسة، مع أنهما عاملين مستقلان نسبياً من عوامل الحياة الاجتماعية، رغم أنهما يتحدان في نهاية المطاف بتطور أسلوب الإنتاج، فلا يمکن رد الواحد إلى الآخر دون المغامرة بالوقوع إما في الابتذال(*) الذي يؤدي عادة إلى النفعية، وإما في المدخل النظري المجرد في الخلقنة التي تتجاهل الظروف والإمکانات الاجتماعية السياسية الواقعية، فالسياسة التي في جوهرها تعبر عن العلاقات بين الطبقات في الصراع فيما بينها على السلطة، والتي تضع في قلب اهتماماتها مسألة الجدوى السياسية أي، مسألة أنجح تعبيراً ضماناً للمصالح الطبقية، والأخلاق هي الأخرى تعکس المصالح الطبقية، ولکنها تصوغها بطريقتها الخاصة، فتطرحها ضمن مطالب شاملة موجهة للناس جميعاً وتتضمن فعلاً جوانب، وعناصر إنسانية عامة، والأخلاق لا تعني فقط بمشکلات تأسيس نبل أهداف النظام، بل بتبرير وتأسيس النشاط والأهداف والوسائل، وهذه الخصوصيات تجعل العلاقة بين الأخلاق والسياسية في العصور التاريخية المختلفة وفي ظل أنظمة اجتماعية متغيرة علاقة متعددة الجوانب والأوجه والمستويات(1). ومن أجل ذلک کان علينا توضيح مدى أهمية ربط الأخلاق بالسياسة، من خلال استعراض آراء الفلاسفة – نماذج عبر تاريخ الفکر السياسي - الذين يطالبون المساهمين في بناء الدولة بانتهاج سياسة تکون فعالة على طريق الوصول إلى الهدف المنشود، التي تتفق مع المبادئ والمثل الأخلاقية ومع مغزاها وروحها الإنسانية، ونحن في عصرنا الحالي في أمس الحاجة إلى إبراز القيم الأخلاقية والجانب التطبيقي لها في الحياة السياسية، وتؤثر السياسة في الأخلاق بأن تزود وعي الناس الأخلاقي بفهم المهمات الواقعية، والظروف والأدوات الفعلية في النشاط، وبأن تکشف عن المصالح الاجتماعية والسياسية الکامنة وراء هذه أو تلک من القواعد الأخلاقية.

الكلمات الرئيسية