الحملة الفرنسية الإيطالية على المهدية في شمال إفريقية عام 1390م /792هـــ (من توابع الحروب الصليبية)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم التاريخ، کليةالآداب، جامعةالمنوفية.

المستخلص

لم يکن استرداد عکا ( آخر المعاقل الصليبية اللاتينية في بلاد الشام ) في 18 مايو 1291م/ 17 جمادى الأول 690هــــ على يد السلطان المملوکي الأشرف خليل ( 1290- 1293م ) علامة دالة على نهاية الحروب الصليبية على العالم الإسلامي بشکل تام ، بل کانت بمثابة نهاية حلقة من حلقات الصراع بين الشرق والغرب والذي امتد منذ ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي حتى سقوط غرناطة أخر موطئ قدم للمسلمين بالأندلس عام 1492م . وامتازت الحلقة الجديدة خلال القرن الرابع عشر الميلادي بتغلب الطابع الاقتصادي على الطابع  الديني، إذ لم يعد الدين وحده هو الدافع الوحيد للقيام بحملة صليبية جديدة دون أن يمتزج معه الدافع الاقتصادي والمادي لأنه هو في الأصل جوهر المصالح ، ومن أجله تزحف الجيوش وترفع الرايات وتدق طبول الحرب . وعلى الرغم من أن أحوال الغرب الأوربي خلال القرن الرابع عشر الميلادي لم تکن مهيئة للاستعداد والترتيب لخروج حملات عسکرية جديدة ضد الشرق  بسبب الصراعات السياسية الطاحنة التي اجتاحت الممالک الأوربية ، فضلا عن ضعف نفوذ السلطة البابوية وتعرض أوروبا لعدد من الأزمات کالأمراض والأوبئة والحروب الأهلية وغيرها [1] ، عوامل جميعها بلا شک ساعدت على فقد الحماس الديني وضياع الهمم وإحساس کافة الطوائف والطبقات في أوروبا بعدم الجدوى من الحرب مع المسلمين، و أن أية فکرة لحرب جديدة لن يجنى من ورائها سوى الهزيمة والخسارة في أرواح الجنود الذين سيسقطون ما بين قتلى وأسرى  ورغم تلک الحالة التي انتابت الشعوب الغربية آنذاک ، إلا أن أوروبا لم تتخل تماما عن النزعة الصليبية بل ظلت فکرة الحرب تراود کثيرا من رجال الدين والسياسة الذين عبروا عن آرائهم بتقديم مشاريع وأفکار جديدة لمواصلة الحملات الصليبية على العالم الإسلامي ، والاستيلاء على بيت المقدس واحتلال الأراضي المقدسة مرة أخرى لکن برؤى مختلفة .  وعلى الرغم من عدم إتمام تلک االمشاريع وتطبيقها فعليا على أرض الواقع ، إلا أنه يرجع لها الفضل في استنفار الهمم و إحياء الروح الصليبية في نفوس اللاتين من جديد. 
 ومن خلال تتبعنا لتاريخ الحرکة الصليبية نجد أن الحروب الصليبية التي دعا لها البابا أوربان الثانى عام 1095م لخروج جموع الغرب الأوروبي إلى الشرق في صورة حملات صليبية دينية ، لم تنته بوفاة  الملک لويس التاسع Louis IX    ( 1226- 1270م ) على أبواب قرطاجة أکتوبر عام 1270 م/ ربيع أول 669هـــ  بعد قيامه بحملته على مصروالشام وشمال إفريقية والتي تعد  آخر الحملات الصليبية المنظمة على الشرق خلال القرن الثالث عشر الميلادي ،  بل ظلت فکرة الحروب الصليبية  تغزو العقول وتراود الأفکار ونتج عن ذلک الحملة الصليبية الفرنسية الإيطالية المشترکة عام 1390م على مدينة المهدية قاعدة شمال إفريقية  التي رآها البعض هى الطريق الجديد والأمثل للاستيلاء على بيت المقدس والعودة من جديد للسيطرة على الأراضي المقدسة بفلسطين، فتلک الحملة ما هى إلا حملة صليبية من توابع الحملات الصليبية على الشرق ، ومن هنا جاءت أهمية البحث وسبب اختياره. أما الدراسات السابقة في هذا الموضوع فلم تتناول الدراسات الحديثة التي وقعت تحت أيدينا هذا الحدث بشئ من التفصيل و جاء معظمها إشارات دون وجود دراسة وافية ، من ذلک مقال للدکتور محمد محمد الأمين بعنوان شمال إفريقية والحرکة الصليبية يتحدث فيه بصورة عامة عن محاولات الغرب الأوربي الاعتداء على شمال افريقية نظرا لأهميته الاقتصادية و التجارية دون التعمق في دراسة الحملة الفرنسية الإيطالية موضوع بحثنا بشئ من التفصيل ومن هنا تأتي أهمية البحث في تتبع الحرکة الصليبية في القرن الرابع عشر الميلادي .  و تترکز عناصر البحث على عدة نقاط رئيسية منها :  أولاً : دعاة الحروب الصليبية في الغرب الأوربي خلال القرن الرابع عشر الميلادي. ثانياً : علاقة المدن الإيطالية وفرنسا بالشمال الإفريقي خلال القرن الرابع عشر الميلادي .  ثالثاً : الحملة الفرنسية الإيطالية عام 1390م وأهم النتائج التي ترتبت عليها.

الكلمات الرئيسية